اُلطَّقْسُ صَحْوٌ رَائِعٌ يُغْرِي بِاُلتَّنَزُّهِ. 
أَرْسَلَتْ اُلشَّمْسُ أَشِعَّتَهَا اُلذَّهَبِيَّةَ فَأَدْفَأَتْ اُلْكَوْنَ.

فَقَرَّرَتْ اُلْعَائِلَةُ قَضَاءَ يَوْمٍ فِي اُلْمُنْتَزَهِ اُلْمُتَرَامِي اُلْأَطْرَافِ لِتُرَوِّحَ عَنِ اُلنَّفْسِ. 
فَإِنَّ اُلنُّفُوسَ إِذَا كَلَّتْ، عَمِيَتْ.

رَكِبَ أَفْرَادُ اُلْعَائِلَةِ عَلى مَتْنِ اُلسَّيَّارَة، تَارَةً يَتَجاذَبُونَ أَطْرَافَ اُلْحَدِيثِ وَ تَارَةً أُخْرَى يَسْتَمْتِعُونَ بِاُلْمَنَاظِرِ اُلْخَلَّابَةِ.

وَ بَيْنَ اُلْفَيْنَةِ وَ اُلْأُخْرَى، يُغَنُّونَ وَ يَضْحَكُونَ فِي حُبُورٍ.

سَارَتْ اُلسَّيَّارَةُ رُوَيْدًا رُوَيْدًا، ثُمَّ أَصْبَحَتْ تَطْوِي اُلْأَرْضَ طَيًّا.

وَمَاهِيَ إِلَّا دَقَائِقُ حَتَّى وَصَلَتْ اُلْعَائِلَةُ إلَى اُلْمُنْتَزَهِ.

فَرَشَ مُصْطَفَى وَ زَوْجَتُهُ سَلْمَى بِسَاطًا مُزَرْكَشًا بِأَلْوَانٍ بَدِيعَةٍ تَحْتَ شَجَرَةِ بُرْتُقَالٍ تَدَلَّتْ ثِمَارُهَا اُلصَّفْرَاءُ كَأَنَّهَا فَوَانِيسٌ مُضِيئَةٌ يَطِيبُ مَذَاقُهَا.

وَ اِنْطَلَقَ اُلطِّفْلَانِ بَيْنَ أَحْضَانِ اُلطَّبِيعَةِ اُلسَّاحِرَةِ، تَارَةً يَتَسَابَقَانِ وَ طَوْرًا يَقْطِفَانِ اُلْأَزْهَارَ اُلْمُتَفَتِّحَةَ.

وَ كَانَ مُصْطَفَى يَلْتَقِطُ بَعْضَ اُلصُّوَرِ اُلتِّذْكَارِيَّةِ.

اِسْتَمْتَعَ اُلصَّغِيرَانِ، وَ مَلَآ صَدْرَيْهِمَا هَوَاءً نَقِيًّا، فَجَرَى اُلدَّمُ فِي عُرُوقِهِمَا، وَ دَبَّ فِيهِمَا اُلنَّشَاطُ وَ اُلْحَيَوِيَّةُ فَقَوِيَتْ شَهِيَّتُهُمَا لِلْأَكْلِ.

ثُمَّ قَامَ اُلْوَالِدَانِ يَتَجَوَّلَانِ فِي أَنْحَاءِ اُلْمُنْتَزَهِ.
وَ تَوَقَّفَا تَحْتَ شَجَرَةِ زَيْتُونٍ مُبَارَكَةٍ قَدْ تَثَقَّلَتْ أَغْصَانُهَا بِحَبَّاتٍ خَضْرَاءَ مَائِلَةٍ إِلَى اُلسَّوَادِ تَسُرُّ اُلنَّاظِرِينَ.